عندما تفقد القدرة على البوح
وتتلاشى ملكة الكلام من عقلك
لاتجد شيئاً تفعله لإخراج مابنفسك سوى الصمت
ترى ماهو الأشد إيلاماً صمتك أم رغبتك العاجزة في الإفصاح؟
حتى الدموع وسيلة التعبير الوحيدة التي كنت تفرغ بها بعض مكنونات صدرك خانتك
لم كل هذه القسوة؟
ألقسوة نتيحة لمقدمات فاسدة؟
أم هي حاصل عملك؟
كثيرة هي الاوقات التي تقضيها في التفكير في تصاريف هذا الزمن
ما الذي يجعل الانسان يشعر بالحزن؟
فقدانه للأسرة؟
للصحبة؟
للمال؟
للقدرات؟
للحب؟
أم فقدانه لنفسه؟
هل جربت يوماً فقدان النفس؟
وما يعني؟
النفس مقرونة بالدين
وافتقادها افتقاد لأعظم شيء
ربما لأن سبب وجودنا في هذه الدنيا هو الدين
وحين نفقده نفقد كل شيء
تذهب المعاني
لاتبصر شيئاً سوى الظلمة
في روحك
وقلبك
وايامك
وليس هناك أحد يعلم بما تحتويه من آلام
سواه
الذي خلقك فسواك فعدلك
لكنك تتوارى خلف حجب الذنوب والخجل
هذه الحجب تبعدك عنه أشد الابتعاد
ولعلها هي التي تمزق قلبك
لأن الانسان اذا فقد الناس
وفقد المال
وفقد كل شيء
يبقى لديه أمل بمن أوجده وأراد له الحياة
انت لا تيأس من الله
لأنك إن فعلت فما لحياتك وجود
لأنك إن فعلت كنت والكافرين سواء
لكنك تيأس من نفسك
تلك التي فقدتها وسط زحام الذنوب
وجلبة الخطايا
وصخب الآثام
تصلك رسائل التنبيه بشكل مستمر
ويلقى الإلهام في روعك دائما
برؤية مباركة
أو خاطرة مقدسة
أو كلمة مؤثرة
ولكن لفرط غبائك
تضيع كل الملهمات
فلا تبقي شيئاً يوصلك للهدف الذي خلقت من أجله
وتقعد ملوماً محسوراً
تندب حظك
وتبكي يومك الفائت
وتخشى من يومك الحاضر
وتجهل غدك
هذه القيم والمثل التي تحملها دائما والتي لاتتوانى عن حملها أبداً
ما الذي فعلته لك
جعلتك خلف الركب
لكن العيب ليس فيما تحمله
العيب في مهاراتك
كثيرا ماتدرس القوانين في محافل العلم
ولكن القانون الذي تطبقه بصورة خاطئة يعطيك نتيجة معكوسة
هذا ماينتج عن مقدمتك الفاشلة
ولكن ألم تتساءل يوماً ماذا تفعل؟
ألم تفعل؟
لم لاتوجد أيد رحيمة؟
لم حين تلتفت تجد تقريعاً وتوبيخاً وقسوة؟
من يحتويك إن لم تحتويك أسرتك؟
ماذا تفعل إن حرمت من الاحتواء؟
وحرمت من حقك في تكوين صحبة تحتويك
تشد أزرك لتصل لما وصل إليه غيرك
لماذا يغربونك؟
لأنك غريب الأفكار؟
أم لأن العقد تخالط لحمك ودمك -كما يقولون-؟
أم لافتقادك لكل المهارات التي تجعلك تتواصل وإياهم؟
لم عندما ينظرون إليك بسلبية
يحيلون نظرتهم تلك إلى نظرتك لنفسك؟
فلا تجد جانباً حسناً في شخصك
وتساعدك الظروف على تنمية تلك النظرة وتعميقها
ربماهي لعنة نزلت عليك لما احتطبته على ظهرك من آثام
لأن البلاء لايولد إثماً بل يصنع شخصاً من ذهب
بينما الذنب يجعل قدميك تغوران في الوحل يوما بعد يوم
